dimanche 17 mars 2019
vendredi 8 mars 2019
الحاجة إلى المساواة في الإرث ليست حاجة حقيقية
الحاجة إلى المساواة في الإرث ليست حاجة حقيقية
إن الحاجة
إلى المساواة في الإرث ليست حاجة حقيقية لا في تونس ولا في غيره من الأقطار
الإسلامية؛ ذلك أنه من المعلوم والمقرر أن القانون الذي يلبي حاجة المجتمع هو
القانون الذي ينبعث من حاجة حقيقة تدفع إلى تعديل النصوص القائمة أو إقرار النصوص
الجديدة.
ولقد
ذكرني ما يروج في تونس حول إقرار المساواة في الإرث بمرحلة ما قبل إصدار مدونة
الأسرة المغربية، إذ نودي وقتها بالمطلب نفسه إلى جانب مطالب أخرى منها عدم اشتراط
الولاية على المرأة في الزواج، فأُسكت حينها الناعقون بما أكد عليه صاحب الجلالة
قائلا: "بصفتي أميرا للمؤمنين لا يمكنني أن أحل حراما أو أحرم حلا"، فعلم
واقتنع الجميع وقتها أن أحكام الميراث لا يمكن أن يطالها التعديل. وبالفعل صدرت
المدونة مقررة مرة أخرى مبدأ الإرث بالتعصيب على أساس قاعدة للذكر مثل حظ الأنثيين؛
بينما أقرت بشأن الولاية في المادة 24 على أنها
"حق للمرأة، تمارسه الراشدة حسب اختيارها ومصلحتها"، وفي المادة 25 أكدت
"للراشدة أن تعقد زواجها بنفسها، أو تفوض ذلك لأبيها أو لأحد أقاربها"،
آخذة في ذلك بمذهب الحنفية.
لكن الغريب في الأمر أنه رغم
الإقرار للمرأة المغربية بالحق في مباشرة عقد زواجها بنفسها، إلا أن عقود الزواج
المبرمة منذ دخول مدونة الأسرة حيز التنفيذ، وبعد مرور خمسة عشر سنة، شاهدة على أن
أغلب العقود أو كلها أبرمت بحضور ولي الزوجة، ولو تعلق الأمر بالنساء اللواتي بلغن
ما بلغن من مراتب الثقافة ومناصب القرار والمسؤولية. الأمر الذي يدل بما لا يدع
مجالا للشك أن الحاجة إلى ذلك التعديل لم تكن حاجة حقيقية، وأن تلك المطالب لم تكن
مطالب صادقة ولا بريئة، إذ لو كانت كذلك لانعكست على أرض الواقع تنزيلا، من خلال
ارتفاع نسبة عقود زواج المرأة بنفسها وتوليها لعقدها، وهو ما لم يحدث بشهادة الأرقام والواقع الذي لا يرتفع.
ومعدوا نص المدونة ومعهم المشرع
وقتها كانوا على علم بكون الحاجة إلى تعديل أحكام الولاية لم تكن حقيقية، ورغم ذلك
اختار إسكات الأصوات بإقرار تلك المقتضيات التي استقاها من الفقه الحنفي في إشارة
صريحة منه بأن أحكام الأسرة المغربية لا يمكن أن تعدل إلا في هذا الإطار. وفي
مقابل ذلك تجاهل مطالب المساواة في الميراث ليقينه التام بأن الحاجة إليها لم تكن
حقيقية، وما يكون لها أن تكون حقيقية يوما من الأيام في مجتمع مسلم ينص دستوره على
أن الإسلام دين الدولة.
وقياسا على ما سبق، وبدليل الواقع،
نقول بأن تعديل أحكام المواريث في تونس لا تنبعث من حاجة حقيقية، وإنما من لا
حاجة، بل من استهداف مبيت لعدة اعتبارات:
أولها- الواقع السياسي للبلاد: التي لم
تستفق بعد من صدمة "الخريف العربي"، الذي لم يتله إلى حد الساعة شتاء،
بما يحمله المعنى المجازي، من غسل أدران عوالق النظام السابق وتكريس أسباب الحياة
السياسية المبنية على الاستقرار وسلاسة تداول السلطة، وتكريس دولة الحق والقانون.
ثانيها- الواقع الاقتصادي للبلاد: الذي
تدل كل المؤشرات على تراجعه، بل وتدهوره أمام الأزمات المتتالية التي طالت قطاع
السياحة بعد سلسلة الاغتيالات خلال السنوات الأخيرة، وما صاحب ذلك من ارتفاع نسبة
البطالة والتضخم والعجز في الميزان التجاري، الذي فرض عليها الرفع من حجم الاقتراض
الخارجي، مع ما يعنيه ذلك من القبول بالإملاءات الخارجية.
ثالثها- الواقع الثقافي للبلاد: المحكوم
منذ مدة وبدكتاتورية مطلقة من بعض التيارات التي لا تمثل جميع أطياف الشعب التونسي،
بل فقط فئات بعينها وفق مخططات خارجية مدعومة.
رابعها- الواقع الاجتماعي الهش: الذي
تأثر بالعوامل المشار إليها أعلاه، والذي كان سببا فيما آلت إليه أوضاعها، والذي
ما يكون لمواطن يعيش معاناته إلا أن ينصرف ابتداء إلى المطالبة بإقرار برامج
اقتصادية تنموية، وممارسات سياسية فاعلة، وعدالة اجتماعية ناجعة توفر له ظروف
العيش الكريم أولا، عوض المطالبة بالمساواة في إرث هو فاقد لتركته أصلا.
كل هذه الأمور تدل على أن الحاجة
إلى تعديل أحكام الإرث ليست حاجة حقيقة، وإنما هي حاجة يراد من ورائها استكمال طمس
ما تبقى من معالم الدين الإسلامي في بلاد ابن خلدون والطاهر بن عاشور، والتي سبق
وأن دشنها الاستخراب الفرنسي قبل 137 عاما، ولن يجد فرصة مواتية بعد خروجه منها،
ولو بأساليب جديدة، أفضل من هذه الظرفية التي تمر منها تونس حفظها الله وحرسها
بعنايته.
فضل الشريعة على القوانين الوضعية
يقول الأستاذ عبد الرزاق السنهوري رحمه الله "إن القانون المدني النهائي الدائم للأمة العربية هو القانون المدني العربي الذي نشتقه من الشريعة الإسلامية ومن فقهها العظيم، فهو يدعم وحدة الأمة العربية، وهو عامل توحيدها، ويبقى رمزا لهذه الأمة.
السنهوري. القانون المدني العربي. مجلة القضاء العراقية. العدد 2/1. سنة 1962. ص 23
مناجاة ليل
بعيدا عن القانون.... إطلالة شعرية
✍✍ **** مناجاة ليل****✍✍
أرخى الليل سُدوله *** وألقى الظلام معالمَهْ
وجافى النوم مُقلتاي *** وداعب الأرق جِفانِيَهْ
وحل الهَمُّ بساحتي *** وانزوى بدربي وبابِيَهْ
وعَمَّ التفكير خاطري *** وحل الضيق فُؤادِيَهْ
فناديت الإله مناديا *** رباه انظر إلى حالِيَهْ
برحمة منك تفضلا *** جودا وتكرما إلهِيَهْ
من لي سواك أرتجي *** لكشف ما بي فأدعوَهْ
سبحانك ربي لا يرتجى *** غيرك، ذَلَّ من ندعُوَهْ
نجوم السماء أغارت *** وما أهدأت عيونِيَهْ
حي قيوم يا إلهي *** أهدئ وأنم عينِيَهْ
وعُمَّ بذلك كل من *** جافى النوم أعيُنَهْ
عساه ينعم براحة *** تنسيه أمسه وغدَهْ
فَيْضاً يغمر فؤادهُ *** ويَعُمُّ فضلُكَ جوارِحَهْ
في ليل شتاء بارد *** لا رحيم له فيُدْفِأهْ
فَجُدْ برحمة يا إلهي *** على عُبَيْدِك وأعطِيَهْ
سكينة تُقِرُّ عينه *** وتهدئ ليله ولياليَهْ
واغفر ذنوبه كلها *** وارض عنه وأرضِيَهْ
واجعله للمعالي طالبا *** وعن الدنايا فأبعِدَنْهْ
كَيْمَا يَضِيعَ عمره *** في شرود فيرهِقَهْ
وبجميل الصفات فحَلِّهِ *** وعن قبيحها فنزِّهَنْهْ
بعد صلاة وسلام قُرِّبَتْ *** للنبي أحمد ومن معَهْ
.مِن آله وصحبه ومن *** على دربه سار واتبعَهْ
محمد نعناني
Inscription à :
Articles (Atom)
-
صدر حديثا عن دار السلام بالرباط المرأة ومهنة التوثيق العدلي بين الفقه الإسلامي والتشريع المغربي. للدكتورة آسيا ايت علي. كل التوفيق لل...